وأنت نفسك جرّبت فيما عشت من حياة أنّ الانتكاسة قد تقعدك عن محاولة أخرى جـديدة ، لكنّ الوقوف على قدميك مرّة أخرى ، والاتكاء على عكّازة الأمل والثقة بما يمكن أن تفتح لك الأيام المقبلة من أبواب ، جعلك تنسى آلام الانتكاسة ، وتعيش آمال الانطلاقة والانبعاثة من جديد .
يقول أحد الرياضيين : إنّي أحاول أن أفوز بالمـباراة ، وأن أكون الأوّل بين المتنافسين ، لكنني إذا لم أحقّق ذلك ، فعلى الأقل أكون قد ربحت المحاولة !
وعلى مستوى الشعوب ، فلو أنّ اليابان التي حوّلتها الحرب العالمية الثانية إلى أنقاض وحطام ، بقيت تحت حطامها ، تلعن الذين أوصلوها إلى الحضيض ، هل كانت حظيت بالسّمعة التي أطبقت الآفاق ؟
إنّ شيئاً واحداً يمكن أن يقضي على آمالنا فلا تعود تتحرّك في محاولة جديدة ، إنّه (الموت) .
وما عدا ذلك ، فليس هناك سلاح مهما كان فتّاكاً يمكن أن يطفئ جذوة الأمل في نفوسنا ، فظلام العالم كلّه لا يستطيع أن يقف بوجه شمعة واحدة ليطفئها .
في معاجم اللّغة : الأمل هو الرجاء ، وأكثر اسـتعماله فيما يُستبعد حصوله ، وأمّله : رجاه وترقّبه .
وعلى العكس من الأمـل ، اليأس ، فيئس منه يعني انقطع أملـه ، وانتفى طمعه فيه فهو يائس .
فلو تأمّلت في كلمة (فيما يستبعد حصوله) لرأيت أنّ الأمل ليس هو الأماني التي لا رصـيد لها ، ولذلك وصف التمنّي بأ نّه رأس مال المفلس ، وإنّما الأمل هو استعداد لبذل الجهد من أجل حصول شيء ، وشعورٌ يلازم ذلك أنّ مَن سارَ على الدرب وصل ، وذلك ما عبّر عنه الشاعر بقوله :
مَنْ رامَ وصلَ الشّمس حاكَ خيوطها***سبباً إلى آماله وتعلّقا
أي أنّ صاحب الأمل الذي يريد بلوغ الشمس ـ وهي كناية عن الآمال العريضـة والأهداف الكبـيرة ـ قادرٌ على ذلك إن أراد ذلك ، وهذا المعنى مستوحى من الحديث الشريف : «لو تعلّقت همّة أحدكم بالثريا لنالها» والثريا نجم في أعالي السماء .
وقد ميّز الإمام جعفر الصـادق (عليه السلام) بين (الآمال) وبين (الأماني) فقد قيل له : «قوم يعملون بالمعاصي ويقولون نرجو فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم الموت ، فقال : هؤلاء قوم يترجّحون في الأماني ، كذبوا .. ليسوا براجين، إنّ مَن رجا شيئاً طلبه ومَن خاف من شيء هرب منه» .
وانظر إلى قوله : «إنّ مَن رجا شيئاً طلبه» .. فالأمل عمل .. وليس كسلاً أو تواكلاً أو أماني مجنّحة أو مجرّدة . لذلك فإنّ يعقوب (عليه السلام) الذي كان يعيش الأمل بأصدق معانيه لم يقل لأولاده : إنّ أملي بعودة يوسف وطيد، وسوف يأتي حتى ولو لم أبحث عنه، بل قال: (اذهبوا فتحسّسوا ) والذهاب والتحسّس ـ كما هو معلوم ـ حركة وفعل وجهد وتنقيب .
وحتى يونس (عليه السلام) الذي لم يكن أمامه أيّ مجال للحركة ، فهو محاصر في بطن الحوت والظلمة والموت المحقّق ، إلاّ أ نّه قام بحركة وجدانية ـ إذا صحّ التعبير ـ فكان يسبّح طيلة الوقت ضارعاً إلى الله بالنجاة ، ولذلك قال تعالى : (فلولا أ نّه كان من المسبّحين ، للبث في بطنه إلى يوم يبعثون )(3) .
فليس صحيحاً أنّ «الأمل خبز البؤساء» وإنّما هو خبز الأقوياء العاملين ، أمّا خبز البؤساء فقد يكون التمنّي .
ولو عدنا إلى معنى اليأس كمفهوم مضاد للأمـل ، فإنّنا نلاحظ أنّ اليائس ينقطع أمله ، وينتفي طمعه في الحصول على شيء ، ومعنى ذلك أنّ حركته باتجاه تحصيل ما يريد تتوقف أو تتجمّد أو تنتهي فلا يشعر أنّ الحركة ذات جدوى في بلوغ ما يؤمّل نفسه به .
ومن هنا ، فإنّ التعبير السائد بيننا عن عقم المـحاولة في تحصيل شيء أو تحقيق أمر بأ نّها «محاولة يائسة» ليس دقيقاً ، فليست هناك محاولة يائسة . نعم ، قد تكون هناك محاولة فاشلة ، ويمكن أن تعقبها محاولات تحيل الفشل إلى نجاح .
فوصف المحاولة باليأس وصف غير صحيح ، فالمحاولة هي جهد مبذول للوصول إلى هدف معيّن ، وإذا لم تنجح ، فلتردفها محاولة ثانية وثالثة ، فمن طلب شيئاً بلغه ، وهل هناك أبعد من الثريا ؟ إنّ بإمكاننا أن نصل إليها إذا أردنا ، حسب تعبير الحديث الشريف الذي مرّ قبل قليل .
ولعلّ تعبير ذلك الرياضي الذي قال إنّه إذا لم يربح الفوز فإنّه ربح المحاولة ، هو تعبير الانسان المتفائل الذي لا يعرف معنى المحاولة اليائسة .
كما انّنا نتحفّظ على التعبير الدارج في دنيا المرأة من أنّ فلانة قد بلغت سنّ اليأس ، أو أ نّها يائس ، لأ نّها بلغت السنّ التي ينقطع فيها الحيض أو الدورة الشهرية ، فقد يكون ذلك من جانب أ نّها يئست من الإنجاب فلايعود بإمكانها أن تنجب بعد اليوم، لكنّه وصف لانرجّحه ، فليس هناك سـنّ لليأس طالما أنّ بامكان الانسـان ـ رجـلاً كان أو إمرأة ـ أن يجابه الحـياة ، ويقدِّم لها من عطائـه ما يثريها حتى وهو في آخر سنيّ عـمره ، حتى أنّ هناك الكثير من الرجال والنساء الذين حقّقوا أفضل نجاحاتهم بعد الأربعين وبعد الخمسين بل في السبعينات والثمانينات من أعمارهم .
كما لا يخفى الأثر النفسي لأمثال هذا المصطلح ، فحتى لو اقتصر اليأس على الإنجاب ، فإنّه سيترك بصمة سوداء على نفس من نطلقه عليها ، وقد ينسحب ذلك إلى سائر أنشطة حياتها فيشلّها .
وعلى أيّة حال ، فنحن مع الذين يقولون : «عندما لا يبقى لدينا أمل ينبغي أن لا نفقد الأمل» !
وأمّا التفاؤل فهو الاستبشـار بقول أو بفعل ، وهو وثيق الصلة بالأمل ، فالانسان الآمل وهو يتحرك باتجاه أمله يتفاءل بتحقيق الأمل المنشود .
يقول أحد الرياضيين : إنّي أحاول أن أفوز بالمـباراة ، وأن أكون الأوّل بين المتنافسين ، لكنني إذا لم أحقّق ذلك ، فعلى الأقل أكون قد ربحت المحاولة !
وعلى مستوى الشعوب ، فلو أنّ اليابان التي حوّلتها الحرب العالمية الثانية إلى أنقاض وحطام ، بقيت تحت حطامها ، تلعن الذين أوصلوها إلى الحضيض ، هل كانت حظيت بالسّمعة التي أطبقت الآفاق ؟
إنّ شيئاً واحداً يمكن أن يقضي على آمالنا فلا تعود تتحرّك في محاولة جديدة ، إنّه (الموت) .
وما عدا ذلك ، فليس هناك سلاح مهما كان فتّاكاً يمكن أن يطفئ جذوة الأمل في نفوسنا ، فظلام العالم كلّه لا يستطيع أن يقف بوجه شمعة واحدة ليطفئها .
في معاجم اللّغة : الأمل هو الرجاء ، وأكثر اسـتعماله فيما يُستبعد حصوله ، وأمّله : رجاه وترقّبه .
وعلى العكس من الأمـل ، اليأس ، فيئس منه يعني انقطع أملـه ، وانتفى طمعه فيه فهو يائس .
فلو تأمّلت في كلمة (فيما يستبعد حصوله) لرأيت أنّ الأمل ليس هو الأماني التي لا رصـيد لها ، ولذلك وصف التمنّي بأ نّه رأس مال المفلس ، وإنّما الأمل هو استعداد لبذل الجهد من أجل حصول شيء ، وشعورٌ يلازم ذلك أنّ مَن سارَ على الدرب وصل ، وذلك ما عبّر عنه الشاعر بقوله :
مَنْ رامَ وصلَ الشّمس حاكَ خيوطها***سبباً إلى آماله وتعلّقا
أي أنّ صاحب الأمل الذي يريد بلوغ الشمس ـ وهي كناية عن الآمال العريضـة والأهداف الكبـيرة ـ قادرٌ على ذلك إن أراد ذلك ، وهذا المعنى مستوحى من الحديث الشريف : «لو تعلّقت همّة أحدكم بالثريا لنالها» والثريا نجم في أعالي السماء .
وقد ميّز الإمام جعفر الصـادق (عليه السلام) بين (الآمال) وبين (الأماني) فقد قيل له : «قوم يعملون بالمعاصي ويقولون نرجو فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم الموت ، فقال : هؤلاء قوم يترجّحون في الأماني ، كذبوا .. ليسوا براجين، إنّ مَن رجا شيئاً طلبه ومَن خاف من شيء هرب منه» .
وانظر إلى قوله : «إنّ مَن رجا شيئاً طلبه» .. فالأمل عمل .. وليس كسلاً أو تواكلاً أو أماني مجنّحة أو مجرّدة . لذلك فإنّ يعقوب (عليه السلام) الذي كان يعيش الأمل بأصدق معانيه لم يقل لأولاده : إنّ أملي بعودة يوسف وطيد، وسوف يأتي حتى ولو لم أبحث عنه، بل قال: (اذهبوا فتحسّسوا ) والذهاب والتحسّس ـ كما هو معلوم ـ حركة وفعل وجهد وتنقيب .
وحتى يونس (عليه السلام) الذي لم يكن أمامه أيّ مجال للحركة ، فهو محاصر في بطن الحوت والظلمة والموت المحقّق ، إلاّ أ نّه قام بحركة وجدانية ـ إذا صحّ التعبير ـ فكان يسبّح طيلة الوقت ضارعاً إلى الله بالنجاة ، ولذلك قال تعالى : (فلولا أ نّه كان من المسبّحين ، للبث في بطنه إلى يوم يبعثون )(3) .
فليس صحيحاً أنّ «الأمل خبز البؤساء» وإنّما هو خبز الأقوياء العاملين ، أمّا خبز البؤساء فقد يكون التمنّي .
ولو عدنا إلى معنى اليأس كمفهوم مضاد للأمـل ، فإنّنا نلاحظ أنّ اليائس ينقطع أمله ، وينتفي طمعه في الحصول على شيء ، ومعنى ذلك أنّ حركته باتجاه تحصيل ما يريد تتوقف أو تتجمّد أو تنتهي فلا يشعر أنّ الحركة ذات جدوى في بلوغ ما يؤمّل نفسه به .
ومن هنا ، فإنّ التعبير السائد بيننا عن عقم المـحاولة في تحصيل شيء أو تحقيق أمر بأ نّها «محاولة يائسة» ليس دقيقاً ، فليست هناك محاولة يائسة . نعم ، قد تكون هناك محاولة فاشلة ، ويمكن أن تعقبها محاولات تحيل الفشل إلى نجاح .
فوصف المحاولة باليأس وصف غير صحيح ، فالمحاولة هي جهد مبذول للوصول إلى هدف معيّن ، وإذا لم تنجح ، فلتردفها محاولة ثانية وثالثة ، فمن طلب شيئاً بلغه ، وهل هناك أبعد من الثريا ؟ إنّ بإمكاننا أن نصل إليها إذا أردنا ، حسب تعبير الحديث الشريف الذي مرّ قبل قليل .
ولعلّ تعبير ذلك الرياضي الذي قال إنّه إذا لم يربح الفوز فإنّه ربح المحاولة ، هو تعبير الانسان المتفائل الذي لا يعرف معنى المحاولة اليائسة .
كما انّنا نتحفّظ على التعبير الدارج في دنيا المرأة من أنّ فلانة قد بلغت سنّ اليأس ، أو أ نّها يائس ، لأ نّها بلغت السنّ التي ينقطع فيها الحيض أو الدورة الشهرية ، فقد يكون ذلك من جانب أ نّها يئست من الإنجاب فلايعود بإمكانها أن تنجب بعد اليوم، لكنّه وصف لانرجّحه ، فليس هناك سـنّ لليأس طالما أنّ بامكان الانسـان ـ رجـلاً كان أو إمرأة ـ أن يجابه الحـياة ، ويقدِّم لها من عطائـه ما يثريها حتى وهو في آخر سنيّ عـمره ، حتى أنّ هناك الكثير من الرجال والنساء الذين حقّقوا أفضل نجاحاتهم بعد الأربعين وبعد الخمسين بل في السبعينات والثمانينات من أعمارهم .
كما لا يخفى الأثر النفسي لأمثال هذا المصطلح ، فحتى لو اقتصر اليأس على الإنجاب ، فإنّه سيترك بصمة سوداء على نفس من نطلقه عليها ، وقد ينسحب ذلك إلى سائر أنشطة حياتها فيشلّها .
وعلى أيّة حال ، فنحن مع الذين يقولون : «عندما لا يبقى لدينا أمل ينبغي أن لا نفقد الأمل» !
وأمّا التفاؤل فهو الاستبشـار بقول أو بفعل ، وهو وثيق الصلة بالأمل ، فالانسان الآمل وهو يتحرك باتجاه أمله يتفاءل بتحقيق الأمل المنشود .
الأحد أغسطس 29, 2010 6:04 am من طرف *HMR*LOVER*
» الرجل والمرأة في الحب
الجمعة مارس 26, 2010 9:20 pm من طرف jana
» سخافات معاكسة الشباب للبنات
الإثنين مارس 22, 2010 11:02 pm من طرف *HMR*LOVER*
» عاجل سقوط المسجد الأقصى قبل قليل
الإثنين مارس 15, 2010 11:19 pm من طرف jana
» رئيس جامعة عين شمس يقود مظاهرة رسمية دفاعًا عن الأقصى
الإثنين مارس 15, 2010 1:58 pm من طرف *HMR*LOVER*
» إلا الأقصى
الإثنين مارس 15, 2010 12:57 pm من طرف *HMR*LOVER*
» كيفيت الاستفاده من علب الكبريت
الأحد مارس 14, 2010 10:36 pm من طرف *HMR*LOVER*
» اصنع دفترك بنفسك
الجمعة مارس 12, 2010 3:43 am من طرف jana
» لسه برضه مضايق........طب ادخل وحتبقى تماااام
الجمعة مارس 05, 2010 12:27 am من طرف Mohamed Mansour